صحيحٌ أنّ الإنتخابات النّيابية كانت مفصليّة في ظلِّ الأوضاع الإقتصاديّة الرّاهنة، إنّما ما أفرزته من نتائج فتح الأبواب أمام أزماتٍ سياسيّةٍ جديدةٍ، أوّلها رئاسة مجلس النوّاب، وليس آخرها مشاوارات تشكيل الحكومة، فالأزمات في وطننا لا تنتهي.
بعد ثلاثين سنة من تربّعه على عرش مجلس النوّاب، يواجه الرئيس نبيه برّي حملة قويّة بوجه ترشّحه لرئاسة مجلس النّواب، إذ أنّ القوات والمجتمع المدني والنائب أسامة سعد والبزري والكتائب وغيرهم، أعلنوا عدم التّصويت له، وفي حال رفض التيار الوطني الحر أيضًا التّصويت فسيكون البلد أمام أزمة غير معروفة الأفق.
الثّنائي الشّيعي فاز بجميع المقاعد الشيعية في البرلمان، إنّما هذا لن يسمح بتزكية برّي، إذ أنّه بحاجة لنصف البرلمان زائد واحد ليصبح رسميّاً رئيسًا للمجلس، لكنّ الأمور تزداد تعقيداً، فلا الحزب سيستغني عن برّي، ولا بري سيستغني عن الكرسيّ، ومواقف الاحزاب السياسية والمسيحية منها المعلنة، تشير حتى الان باتجاه لعدم التصويت مجددا لبرّي.
أزمة انتخاب رئيس المجلس أرخت بظلالها أيضًا على المغتربين الّذين كان لهم الفضل في إنتاج جزءٍ من السّلطة الجديدة، إذ يعتبر بعض المغتربين أنّ إعادة انتخاب برّي رئيساً للمجلس هو استخفاف بقرارِ الشّعب الّذي أتى واضحاً في الإنتخابات.
موقع "DIASPORA ON" تواصل مع عددٍ من المغتربين الذين اختلفوا بالآراء. إذ اعتبر المغترب في قطر هلال غندور أنّ "بداية التّغيير ليست في الإنتخابات، بل البداية في تغيير من التصق بالكرسيِّ من الـ 1992 والعمل على جعل المجلس دوائر للتّوظيف الوهميّ، ناهيك عن تشاركه في الحصص مع جنبلاط والحريري، وإن بقي رئيساً، فالسّلام على التّغيير والثّورة والوطن".
من قطر توجّهنا إلى الغابون، إذ أكّد المغترب علي جابر أن "الرّئيس برّي هو صمّام الأمان السّياسي في لبنان وهو حامي المقاومة سياسيًّا، لهذا وجوده في الرّئاسة ضرورة؛ لأنّه الوحيد القادر على صنع المعجزات السّياسية في لبنان".
أمّا نزيه صبّاغ المغترب في ليبيا، فقد عبّر عن رأي مختلفٍ عن هلال وعلي، إذ اعتبر أنّ "النّظام الموجود في لبنان له الفضل الأوّل في وصولنا إلى هذه المرحلة، ولو كان برّي أو غيره في الرّئاسة ستكون النتيجة ذاتها".
الشّعب اللبناني منقسم في الآراء، وكلُّ استحقاقٍ فيه يفتح الأفق أمام أزمات عديدةٍ تسبق استحقاقًا آخر، ليبقى الأفق مجهولاً أمام ازدياد التفسّخ السّياسي بعد صدور نتائج الإنتخابات.