مهندس لبناني يعمل بائعاً للخضار في بلاد الإغتراب.. وداعاً للطموحات والأحلام

خاص | | Tuesday, June 7, 2022 2:19:00 PM

عيسى طفيلي

 

صحيحٌ أنّ عدد المغتربين القادمين إلى لبنان كبير، وهذا يعبّر عن تجذر اللبناني بأرضه وحبّه لوطنه، إنّما الإلتفات الأهمّ يجب أن يكون للشّباب الذي لم يعد يفكّر بالبقاء في لبنان للحظة. فأبواب العملة مقفلة، والإقتصاد منهار ، والرّواتب أصبحت بلا قيمة، والشّهادات أصبحت لزينة الجدران ليس أكثر.

مهندسون، أطباء وجامعييون من مختلف الإختصاصات العلميّة، أغلقت في وجههم أبواب العمل والتطوّر في لبنان، ولم يجدوا أيَّ طريقةٍ تبقيهم هنا، فكلُّ مقوّمات الحياة أصبحت مفقودةً في لبنان، والعمل لقاء راتبٍ بالعملة المحلّيّة هو أشبه بالعمل سخرةً دون أجر.

أهلا وسهلاً بكلِّ لبنانيٍّ مهاجرٍ طلباً للرزق، وعاد ليزور بلده في إجازته، لكن هذا اللبنانيّ سيعود ويهاجر من جديدٍ، لعدم إيمانه بالقدرة على العيش في لبنان تحت وطأة ظروفٍ إقتصاديّةٍ مهترئةٍ، وانقطاعٍ للأدوية، الكهرباء الماء وغيرها من المقوّمات المفقودة.

لم تعد الهجرة تفرّق بين حاملٍ للشّهادة وفاقد لها؛ لأنّ الاثنين يعملان في مهنٍ لا دخل لها لا باختصاصاتهم ولا بمهنهم، بل إنّها بعيدةٌ عن العلم وعن سنوات المعرفة، الكتب،السهر والإمتحانات.

موقع "Diaspora on" تواصل مع المهندس المغترب حسن صباح الذي أقفل على مشروع العودة إلى لبنان، وذلك بعد أن أصبح كشابٍّ غير متعلّمٍ يبحث عن عملٍ وكأنّه لم يسهر لسنوات ليحقّق حلمه ويعمل بإختصاصه.

ولفت حسن إلى أنّ "محاولات البقاء في لبنان باءت بالفشل بسبب الإنهيار الذي يعيشه البلد في المجالات كافّة ، من الدّولار إلى الدّواء فالماء والكهرباء وصولًا إلى غلاء المحروقات وغيرها من الأزمات الّتي لا تسمح للإنسان أن يحقّق أحلامه، فقررت السّفر لأخرج من الأجواء الصّعبة الّتي فُرضت علينا في لبنان".

وتابع: "هاجرت من بلدي ووضعت شهادتي جانباً، وعملت في محلٍّ لبيع الخضار، فالشهادة التي لم تنفعني في بلدي ولن تنفعني في غربتي، لكنّ المفارقة أن اللّقاء الماديَّ مقابل العمل مقبول هنا، ويجعلني أستطيع مساعدة أهلي الموجودين في لبنان، على عكس البلد المذكور الّذي لا تستطيع العمل أو مساعدة ذويك".

وأضاف: "الغربة ليست مكانًا للرّاحة، أو مكاناً للرفاهيّة، بل مكانًا للعمل والعمل فقط. فأنا أعمل في النّهار وأحاول أن أبحث في الليل عن عمل آخر. المستقبل البعيد عن العلم يحتاج إلى تعبٍ وجدِّ واجتهاد".

وأشار إلى أنّه "لا يوجد أجمل من العيش في لبنان، لكنّ ظروفه لم تترك لنا نافذة واحدة نستطيع من خلالها أن نرى الضّوء والمستقبل، لذا قرّرت البقاء في الغربة والإبتعاد عن لبنان لحين ارتكاز الأوضاع فيه".

الأزمة في لبنان لم تضرب الواقع الماليّ فحسب، بل ضربت أيضًا الواقع العلميّ والثّقافي، ودمّرت مستقبل وطموحات الشّباب اللبناني.

الأكثر قراءة