حرب الجنوب تعرض اقتصاد لبنان المنهك للمزيد من التآكل

مغتربون | | Tuesday, February 27, 2024 4:07:00 PM

عكست المخاوف المتنامية للمسؤولين اللبنانيين من تعرض اقتصاد البلاد المنهك إلى المزيد من التآكل أنهم في موقف أكثر حرجا بالنظر إلى انعكاسات الحرب في جنوب البلاد بين حزب الله وإسرائيل.

ويبدو الاقتصاد اللبناني في مسار هبوطي أكثر من المتوقع هذا العام إذا استمرت الأزمة على ما هي عليه لفترة أطول بعد أن تعرض إلى هزة كبيرة على مدار أربع سنوات تدمرت فيه القدرة الشرائية للناس مع انهيار الليرة وبطء الإصلاحات الموعودة.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام الاثنين إن “اقتصاد بلاده المضطرب منذ فترة طويلة يكتنفه الغموض بسبب الصراع الدائر على الحدود الجنوبية للبنان بين جماعة حزب الله والقوات الإسرائيلية”.

وأوضح للصحفيين في أبوظبي على هامش اجتماعات منظمة التجارة العالمية أن لبنان لن يحقق توقعات بنمو سنوي يتراوح بين اثنين وأربعة في المئة هذا العام بسبب الضربات عبر الحدود.

وذكر أن “هناك أسئلة كثيرة تتعلق بالوضع في لبنان حاليا لكن بالتأكيد الأمور آخذة في التراجع بطريقة سلبية”.

وأضاف أنه “من غير الواضح ما إذا كان الزوار سواء من المغتربين اللبنانيين أو غيرهم من السياح سيزورون البلاد هذا الموسم”.

وضخ السياح ما بين خمسة إلى سبعة مليارات دولار في الاقتصاد اللبناني خلال الصيف الماضي، بحسب ما تشير إليه التقديرات الرسمية.

وقال إن موسم الشتاء الحالي شهد قدوم عدد أقل من الزوار الأجانب عما كان متوقعا بعد موسم صيف قوي قبل اندلاع الحرب.

وتحث الولايات المتحدة والبرازيل وأستراليا، التي تضم عددا كبيرا من اللبنانيين، المواطنين على إعادة النظر في السفر إلى لبنان.

وتابع سلام قائلا “لا نعرف حقا ما إذا كان بإمكاننا أن نترقب في الأشهر القليلة المقبلة موسم صيف يضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد”.

وإلى جانب السياحة تشكّل تحويلات المغتربين التي تمثل شريان الحياة للبنان منذ وقت طويل شبكةَ أمانٍ اجتماعي بحكم الأمر الواقع وتساهم في تحقيق زيادة طفيفة في الاستهلاك المحلي.

غير أن هذه التحويلات التي بلغت في العام الماضي نحو 6.4 مليار دولار، وأيضا السياحة لوحدهما لا تكفيان لتلبية احتياجات لبنان من التمويل الخارجي.

وحلّ لبنان في المركز الثالث إقليميّاً بقياس حجم التحويلات، مسبوقا فقط من مصر التي استقبلت نحو 24.2 مليار دولار، والمغرب الذي سجلت تحويلاتُ بنحو 12.1 مليار دولار.

وفي غياب مصادر تمويل أخرى، فقد يتطلب العجز المزدوج في الحساب الجاري وحساب المالية العامة المزيد من عمليات السحب من احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية.

وقال سلام إن “لبنان لا يتأثر فقط بالحرب في فلسطين وغزة. لبنان في حالة حرب. نحن نخسر أرضنا”. وأضاف “القتال على الحدود الجنوبية أثر سلبا على صادرات البلاد وتسبب في خسائر في الأراضي الزراعية والسلع بقيمة نحو 2.5 مليار دولار حتى الآن”.

وذكر أن الحكومة تسعى للحصول على مساعدة دولية لإعادة تأهيل الأراضي الزراعية التي تضررت بسبب القتال.

وقال سلام “سيستغرق الأمر سنوات وسيتطلب الكثير من المال، لذلك سنسعى بالتأكيد إلى الحصول على مساعدة من المجتمع الدولي لإعادة تأهيل جميع المناطق”. 

وبدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار عام 2019 بعد عقود من الإنفاق الحكومي المسرف والفساد، ولا يزال يعاني من ضعف شديد، وفقا لتقرير للمرصد الاقتصادي للبنان الصادر عن البنك الدولي في ديسمبر الماضي.

وكتب معدو التقرير الذي جاء بعنوان “في قبضة أزمة جديدة”، أن “آثار وانعكاسات الصراع الدائر المتمركز في غزة تُمثّل صدمة إضافية كبيرة لنموذجَ النمو الاقتصادي اللبناني غير المستقر”.

وأشاروا إلى أنه ما لم يتم تنفيذ خطة شاملة لحل الأزمة، فلن تكون هناك استثمارات طويلة الأجل ومجدية، وسيعاني لبنان مزيدًا من التآكل في رأسماله المادي والبشري والاجتماعي والطبيعي.

وقبل نشوب الصراع الحالي، كان من المتوقع أن يحقق الاقتصاد اللبناني لأول مرة منذ عام 2018 نموا بنسبة 0.2 في المئة خلال عام 2023. وبدا أن الاقتصاد اللبناني قد بلغ قاعاً مؤقتاً بعد سنوات من الانكماش الحاد.

وأتى هذا النمو الهامشي مدفوعًا في الغالب بعوامل شديدة التقلّب مع نمو الاستهلاك الناجم عن موسم سياحي صيفي قوي، وتدفق كبير للتحويلات المالية وزيادة دولرة الرواتب، بالإضافة إلى علاماتٍ على استقرار مؤقت في نشاط القطاع الخاص.

ووفقا للتقرير، لا تزال اختلالات الاقتصاد الكلي قائمة، حيث لا يزال الحساب الجاري يعاني عجزا كبيرا يصل إلى 12.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

وتسارع معدل التضخم الذي فاق المئة في المئة منذ العام 2021 ليصل إلى أكثر من 231 في المئة بنهاية العام الماضي، مدفوعا بانخفاض سعر الصرف خلال النصف الأول من 2023 والدولرة السريعة للمعاملات الاقتصادية.

وتعليقا على ذلك، قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي إنه “في ظل التقدم المحدود نحو خطة شاملة لحل الأزمة، لا يزال لبنان غارقًا في أزمة اجتماعية واقتصادية ومالية كبرى، تفاقمت بسبب الجمود والسياسي”.

وأوضح أنه رغم أن السياحة ساهمت إيجابيا في النمو الاقتصادي خلال الفترة الماضية، لا يمكن لقطاع وحده أن يكون بديلا عن محركات النمو الأكثر شمولا واستدامةً وتنوعا.
 

الأكثر قراءة