بعد ثورة ١٧ تشرين التي كانت علامة فارقة في تاريخ الثورات الشعبية اللبنانية، نجح اركان الانتفاضة المذكورة بانتاج كتلة شعبية، ساهمت في ايصال عدد من رواد الثورة الى مجلس النواب قي الانتخابات النيابية الاخيرة، واللافت في الامر، ان اصوات المغتربين، كان لها الفضل في رفع الحاصل الانتخابي وايصال نواب المجتمع المدني الى مجلس النواب، بعد ان تخطت مشاركتهم كل التوقعات، ليصبح الصوت الاغترابي قادرا للمرة الاولى على ان يكون فاصلا في نجاح نائب وفشل اخر.
بعد الانتخابات التي دخل عبرها ١٧ نائبا تغييريا الى مجلس النواب، تراجع بريق الثورة الشعبية، وضعف العمل والتحضير الذي كان يجب ان يستمر ليكمل الخطوة الاولى التي تمثلت بوصولهم الى البرلمان، اذ ابتعد الثوار عن الشوارع، رغم الازدياد في تردي الوضع الاقتصادي ووصول الدولار الى ال ٩٠٠٠٠ ل.ل. وهذا يدل على ملل الشعب، وشعوره بان الثورة ودخول النواب الى المجلس ليس كافيا للتغيير، لان الزمرة الحاكمة متجذرة بكل تفصيل في اروقة الدولة، وقلعها يحتاج الى عمل كبير ونفس طويل وسنوات عديدة.
في سياق ما تقدم، تجدر الاشارة، الى ان الثورة الشعبية العفوية، ما لبثت الى ان تحولت الى مجموعات تختلف على تفاصيل ثانوية، تحولت فيما بعد الى نسخة منقحة عن الاحزاب اللبنانية المتصارعة، وهذا ما ادى الى خسارتها عدد من المقاعد اثناء الانتخابات، وانشقاق بعض نوابها عن تكتل التغيير بعد الانتخابات، ناهيك عن الخلافات الدائمة داخل التكتل الذي لطالما ادى لعدم التوافق على قرار موحد لمواجهة قرارات الزمرة الحاكمة.
من بعيد، ينظر المغتربون الذين كانوا مؤمنين بقدرة التكتل المنتخب من قبلهم على التغيير، الى المجموعة التي تمثلهم في مجلس النواب، ويلاحظون تراجع بريق عمل الثورة، فالانتخابات المقبل، وحركة المغتربين فيها، ستحدد ما اذا كان النواب يستحقون منهم فرصة ثانية، ام سيتراجع وهج الثورة حتى ينطفئ.